والوثيقة هي عبارة عن ملخص للموقف الأمريكي من الأوضاع في مصر، مرسلة في نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2008 إلى القائد السابق للقيادة الوسطى في الجيش الأمريكي، ديفيد بيتريوس، قبل زيارته المقررة إلى القاهرة، وذلك لوضعه في أجواء الظروف الداخلية.
وتشير الوثيقة إلى أن القوات المصرية يمكنها أن تنخرط في المستقبل بأدوار أكثر تقدماً مع نظيرتها الأمريكية، على غرار القتال المشترك بينهما في حرب الخليج عام 1991، كما أن تعاون القاهرة الاستراتيجي مع الجيش الأمريكي ضروري للغاية، خاصة بالنسبة للتسهيلات في قناة السويس.
وتقول الوثيقة أن واشنطن حاولت إقناع مصر بتعديل بنية جيشها لمواجهة مخاطر جديدة، مثل أمن الحدود والإرهاب والقرصنة، ولكن "القيادة الهرمة" تفضل مواصلة القيام بما قامت به لسنوات، عبر بناء جيش تقليدي يعتمد على المدرعات والمشاة، والتدرب على الحروب النظامية.
وتلفت الوثيقة أن العلاقات مع مصر عانت الكثير مؤخراً، بسبب امتعاض القاهرة من الغزو الأمريكي للعراق، وما نتج عنه من تزايد النفوذ الإقليمي الإيراني، إلى جانب تباطؤ البيت الأبيض في رعاية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ما سبب "تراجع في ثقة القاهرة بالقدرة القيادية لأمريكا في المنطقة."
وتضيف أن المسؤولين المصريين لا يرغبون بأن تمس واشنطن بالمساعدات السنوية المقدرة بـ1.3 مليار دولار المقدمة للقاهرة، خاصة وأنهم يشتكون من تزايد الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل، مقابل ثبات الدعم المقدم لهم.
وتطرقت الوثيقة إلى المشير محمد حسين طنطاوي القائد العام للقوات المسلحة المصرية، فقالت إنه في منصبه منذ عام 1991، وهو يبلغ من العمر (عام 2008) 77 سنة، وقادر على البقاء في منصبه لسنوات بسبب علاقته الجيدة مع الرئيس المصري حسني مبارك.
وتقول الوثيقة إن طنطاوي "يقاوم أي جهود لتعديل سبل استخدام برنامج التمويل العسكري الخارجي"، وهو "العائق الأساسي أمام تطور مهام الجيش بمواجهة التهديدات الجديدة"، وتضيف أن ولايته شهدت "اهتراء الاستعداد التكتيكي والعملي للجيش المصري."
كما تدعو بتريوس لمناقشة هذا الأمر مع مبارك في اجتماعهما المرتقب وتقديم تطوير القوات المسلحة على أنه وسيلة لضمان قبول الكونغرس بمواصلة تقديم المساعدات، وإثارة مطالب مثل المساعدة بتدريب القوات العراقية، وزيادة المشاركة بوحدات حفظ السلام في السودان، وإن كان مبارك - بحسب الوثيقة - ما زال يعتقد أن رئيس الوزراء العراقي، نور المالكي، ينصاع لمطالب إيران.
وتشير الوثيقة إلى أن ربط المساعدات الأمريكية بتغييرات تدفع باتجاه الديمقراطية وحقوق الإنسان في البلاد يثير حفيظة القاهرة، وتقول إن مبارك "يحاضر في أن هذا الأمر سيعزز من قوة تنظيم الإخوان المسلمين."
وتطرح الوثيقة الوضع الصحي لمبارك، فتشدد على أنه "بصحة ممتازة، وإن كان يعاني من مصاعب في السمع بأذنه اليسرى"، وقالت إنه يثق بالله وبالقوات المسلحة وأجهزة الأمن على ضمان انتقال سلس للسلطة في المستقبل.
كما تزعم أن مبارك قد يترشح لانتخابات الرئاسة المقبلة، وسيفوز بها إن قرر المشاركة، أما في حال امتنع عن الترشح أو وافته المنية، فإن هناك مجموعة من المرشحين، بينهم نجله جمال مبارك، ورئيس جهاز المخابرات العامة عمر سليمان، وأمين عام الجامعة العربية عمرو موسى، أو ضابط كبير في الجيش لم تحدد هويته بعد.
يذكر أن الموقف الرسمي المصري حيال التسريبات المتلاحقة لموقع "ويكيليكس" جاءت على لسان وزير الخارجية، أحمد أبوالغيط، الذي قال إن ما جاء في الوثائق "يؤكد أن ما يقوله المسؤولون المصريون في الاجتماعات المغلقة هو مايتحدثون به في العلن، ما يؤكد قوة الموقف المصري."
وأضاف أبوالغيط أن ما تسرّب هو رأس جبل الجليد، ومن المبكر أن تقوم القاهرة بالتعليق عليه، وأن بعضه قد لا يستحق التعليق، وبعضه الآخر قد يكون إما مشوشا أو مدسوسا."
No comments:
Post a Comment