عن مركز الأهرام للنشر الترجمة والتوزيع صدر قبل أيام قليلة "كتاب وصف مصر فى أدب نجيب محفوظ.. الكتاب الرابع بعنوان الدعارة والعاهرات" للصديق الصحفى والكاتب المبدع مصطفى بيومى، بينما يصدر له خلال أيام الكـتـاب الخامس من نفس السلسلة بعنوان "المسيحية والمسيحيون".
والكتاب عبارة عن دراسة أدبية واجتماعية ونقدية مهمة فى أربعة فصول عبر شهادة متكاملة من نجيب محفوظ لجوانب الحياة المصرية، كما عاشها فى سنوات عمره، وكما أعطاها من خياله، وفى هذا الإطار يبدو الحديث عن رؤية الكاتب الكبير للدعارة والعاهرات ضروريا، كما يقول مصطفى بيومى، دون نظر إلى الموقف من الظاهرة التى تتعرض للإدانة من المنظورين الدينى والأخلاقى.
الدعارة مهنة عتيقة قديمة قدم التاريخ الإنسانى، وهى مثل كل المهن الأخرى تقوم بوظيفة اجتماعية لا يمكن إنكارها، ويحكمها بناء مؤسسى متعدد الأطراف، وتخضع لمنظومة صارمة من القواعد والأعراف، قد تجمع الأغلبية على النفور والاشمئزاز والتعالى، لكن أحدًا لا يملك أن ينكر وجودها وتأثيرها، بل إننا نجد فى أدب نجيب محفوظ، كما هو الحال فى الواقع، من يقدم دفاعا وتبريرًا، ويبدو أقرب إلى التعاطف والتفهم، ويعقد المقارنات الموضوعية الجادة، التى تحقق التوازن وتبتعد عن إطلاق الأحكام القاطعة المسرفة فى المثالية.
ويسعى بيومى فى الفصل الأول: "الدعارة بين الواقع والرمز"، إلى الإحاطة بالموقع الذى تحتله الدعارة فى عالم نجيب محفوظ، على المستويين الواقعى والرمزى، عبر معالجة تعتمد على الرؤى التى يقدمها الكاتب الكبير فى قصصه القصيرة.. وكيف تتحول الشهادة العميقة التى يقدمها إلى آفاق فلسفية تتجاوز المعطى الواقعى ولا تخاصمه؟ ومتى تتحول إلى رؤية يختلط فيها السياسى بالدينى، وصولا إلى أبعاد رمزية بالغة العذوبة؟!
وفى الفصل الثانى: "ملامح وسمات"، يضم مبحثين، أولهما عن "التجربة الأولى"، وثانيهما عن "السرى والعلنى".. يتوقف المبحث الأول أمام تجارب الشباب والمراهقين عند اقتحام دروب الدعارة العلنية، والتعرف على الأسرار والخبايا للمرة الأولى.
أما المبحث الثانى فينشغل بالتأمل فى واقع الدعارة بعد إلغاء النشاط العلنى المصرح به سنة 1947، حيث لم تتوقف هذه التجارة العتيقة العريقة، وإنما اتخذت مسارًا مختلفًا قوامه السرية، ويحظى قرار الإلغاء فى عالم نجيب، كما هو الحال فى الواقع الذى تعبر عن رواياته وقصصه، بقدر كبير من الاختلاف بين المؤيدين والمعارضين، ويكشف المتحفظون على قرار الإلغاء عن مخاوفهم من الآثار والنتائج المترتبة على ذلك القرار، وعلى الرغم من تحول الدعارة العلنية إلى تاريخ وذكرى، فإنها تترك صدى لسنوات طوال، وتسفر عن رؤية شمولية معبرة عن حقيقة أن الحياة تتسع لأنشطة واجتهادات شتى، ذلك أن القوانين والتشريعات لا تصنع واقعا، ويخلق الاحتياج أشكالا أكثر قدرة على تلبية الاحتياجات الممنوعة ورقيا.
ثم يقدم مصطفى بيومى تحليلا عميقا فى الفصل الثالث لـ "شخصية القواد" ويمكن تعريف القواد فى عالم نجيب محفوظ الروائى.. فيما يخصص الفصل الرابع والأخير عن "العاهرات"، حيث يتضمن عالم الكاتب الكبير عددا غير قليل من المحترفات اللاتى تلعبن دورا بارزا فى تشكيل هذا العالم وتكوين ملامحه، ذلك أنهن يتميزن بالوجود الطاغى المؤثر فى صناعة وتطور الحدث الروائى.. ومن ناحية أخرى، تظهر عاهرات هامشيات محدودات الوجود والتأثير، فلا أسماء لهن، ولا دور تسهمن به إلا بشكل عابر.
الدعارة فى أدب نجيب محفوظ حالة روائية فيها الكثير من الخيال الذى استخدمه الكاتب لصنع دراما تأخذ بعض الحقيقة وبعض الخيال لتصنع منها مزيجا تقرأه كأنك تراه، عن عالم ربما ليس له وجود مباشر الآن، لكن ما لم يتطرق إليه بيومى فى هذا الكتاب الدراسة المهم، أن هناك أنواعا أخرى ربما أخطر من دعارة الجسد، أى من بيع الجسد والمتعة مقابل المال، لأن دعارة العقل والضمير فى أزمان لاحقة على زمن نجيب محفوظ ربما تكون أخطر بكثير.
والكتاب عبارة عن دراسة أدبية واجتماعية ونقدية مهمة فى أربعة فصول عبر شهادة متكاملة من نجيب محفوظ لجوانب الحياة المصرية، كما عاشها فى سنوات عمره، وكما أعطاها من خياله، وفى هذا الإطار يبدو الحديث عن رؤية الكاتب الكبير للدعارة والعاهرات ضروريا، كما يقول مصطفى بيومى، دون نظر إلى الموقف من الظاهرة التى تتعرض للإدانة من المنظورين الدينى والأخلاقى.
الدعارة مهنة عتيقة قديمة قدم التاريخ الإنسانى، وهى مثل كل المهن الأخرى تقوم بوظيفة اجتماعية لا يمكن إنكارها، ويحكمها بناء مؤسسى متعدد الأطراف، وتخضع لمنظومة صارمة من القواعد والأعراف، قد تجمع الأغلبية على النفور والاشمئزاز والتعالى، لكن أحدًا لا يملك أن ينكر وجودها وتأثيرها، بل إننا نجد فى أدب نجيب محفوظ، كما هو الحال فى الواقع، من يقدم دفاعا وتبريرًا، ويبدو أقرب إلى التعاطف والتفهم، ويعقد المقارنات الموضوعية الجادة، التى تحقق التوازن وتبتعد عن إطلاق الأحكام القاطعة المسرفة فى المثالية.
ويسعى بيومى فى الفصل الأول: "الدعارة بين الواقع والرمز"، إلى الإحاطة بالموقع الذى تحتله الدعارة فى عالم نجيب محفوظ، على المستويين الواقعى والرمزى، عبر معالجة تعتمد على الرؤى التى يقدمها الكاتب الكبير فى قصصه القصيرة.. وكيف تتحول الشهادة العميقة التى يقدمها إلى آفاق فلسفية تتجاوز المعطى الواقعى ولا تخاصمه؟ ومتى تتحول إلى رؤية يختلط فيها السياسى بالدينى، وصولا إلى أبعاد رمزية بالغة العذوبة؟!
وفى الفصل الثانى: "ملامح وسمات"، يضم مبحثين، أولهما عن "التجربة الأولى"، وثانيهما عن "السرى والعلنى".. يتوقف المبحث الأول أمام تجارب الشباب والمراهقين عند اقتحام دروب الدعارة العلنية، والتعرف على الأسرار والخبايا للمرة الأولى.
أما المبحث الثانى فينشغل بالتأمل فى واقع الدعارة بعد إلغاء النشاط العلنى المصرح به سنة 1947، حيث لم تتوقف هذه التجارة العتيقة العريقة، وإنما اتخذت مسارًا مختلفًا قوامه السرية، ويحظى قرار الإلغاء فى عالم نجيب، كما هو الحال فى الواقع الذى تعبر عن رواياته وقصصه، بقدر كبير من الاختلاف بين المؤيدين والمعارضين، ويكشف المتحفظون على قرار الإلغاء عن مخاوفهم من الآثار والنتائج المترتبة على ذلك القرار، وعلى الرغم من تحول الدعارة العلنية إلى تاريخ وذكرى، فإنها تترك صدى لسنوات طوال، وتسفر عن رؤية شمولية معبرة عن حقيقة أن الحياة تتسع لأنشطة واجتهادات شتى، ذلك أن القوانين والتشريعات لا تصنع واقعا، ويخلق الاحتياج أشكالا أكثر قدرة على تلبية الاحتياجات الممنوعة ورقيا.
ثم يقدم مصطفى بيومى تحليلا عميقا فى الفصل الثالث لـ "شخصية القواد" ويمكن تعريف القواد فى عالم نجيب محفوظ الروائى.. فيما يخصص الفصل الرابع والأخير عن "العاهرات"، حيث يتضمن عالم الكاتب الكبير عددا غير قليل من المحترفات اللاتى تلعبن دورا بارزا فى تشكيل هذا العالم وتكوين ملامحه، ذلك أنهن يتميزن بالوجود الطاغى المؤثر فى صناعة وتطور الحدث الروائى.. ومن ناحية أخرى، تظهر عاهرات هامشيات محدودات الوجود والتأثير، فلا أسماء لهن، ولا دور تسهمن به إلا بشكل عابر.
الدعارة فى أدب نجيب محفوظ حالة روائية فيها الكثير من الخيال الذى استخدمه الكاتب لصنع دراما تأخذ بعض الحقيقة وبعض الخيال لتصنع منها مزيجا تقرأه كأنك تراه، عن عالم ربما ليس له وجود مباشر الآن، لكن ما لم يتطرق إليه بيومى فى هذا الكتاب الدراسة المهم، أن هناك أنواعا أخرى ربما أخطر من دعارة الجسد، أى من بيع الجسد والمتعة مقابل المال، لأن دعارة العقل والضمير فى أزمان لاحقة على زمن نجيب محفوظ ربما تكون أخطر بكثير.
No comments:
Post a Comment